کد مطلب:336337 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:236

هل نسخ حکم الزواج المؤقت
لجأ جمع من علماء السنة الی القول بنسخها تأییدا لموقف الخلیفة الثانی عمر بن الخطاب رضی الله عنه، فقال بعضهم: انها منسوخة بالقرآن، و قال آخرون: بأنها منسوخة بالسنة، ثم اختلف الفریقان علی أقوال شتی: أما دعوی النسخ بالقرآن: فهناك قول بأن الناسخ هو قوله تعالی: (الا علی أزواجهم أو ما ملكت أیمانهم فانهم غیر ملومین - فمن ابتغی وراء ذلك فأولئك هم العادون) [1] .

لكن هاتین الآیتین مكیتان، و آیة المتعة مدنیة، و المتقدم لا ینسخ المتأخر.

ثم ان المتعة زواج، و المتمتع بها زوجة، فلا تعارض بین هاتین الآیتین و بین آیة المتعة حتی یصح القول بالنسخ.

- و هناك قول بأن الناسخ هو آیة العدة قوله تعالی:



[ صفحه 74]



(فطلقوهن لعدتهن) [2] فان الأمر بالعدة فی هذه الآیة ینسخ حكم المتعة التی لا طلاق فیها و لا عدة.

و الجواب: ان المتعة لیست مستثناة من العدة، نعم استثنی الطلاق فیها، و نحن، أی: الامامیة، اذا أثبتنا أن الزواج فی الاسلام علی قسمین: دائم و منقطع، تكون آیة الطلاق خاصة بالدائم دون المنقطع، لأن العلاقة الدائمة هی التی تحتاج الی اعلان عن انهاء العلاقة عند حصول سبب طاری معین، أما العلاقة المؤقتة فلا تحتاج الی هذا الاعلان، و هی تنتهی بانتهاء أمدها المحدد بشكل تلقائی، و حینئذ تكون آیة الطلاق منصرفة الی الدائم، و لا نظر فیها الی المتعة حتی تكون ناسخة لها.

- و هناك قول ثالث بأنها منسوخة بآیة المیراث، حیث لا میراث فی المتعة.

و یرد علی هذا القول الجواب السابق، كما یرد علیه أیضا أن انتفاء بعض الآثار لا یدل علی انتفاء الموضوع، فالزوجة الناشزة لا نفقة لها، و مع أن النفقة قد انتفت عنها



[ صفحه 75]



الا أنها مع ذلك تبقی زوجة و تجری علیها سائر الأحكام و الآثار المختصة بالزوجات، و الكتابیة اذا تزوجت من مسلم، فهی لا ترثه و مع ذلك تبقی زوجة فی باقی الآثار و الأحكام.

علی أن تعدد طرق النسخ بنفسه دلیل آخر علی عدم ثبوته، و یشهد لذلك أیضا: اختلافهم فی زمن النسخ.

فقیل: انها نسخت و نهی النبی صلی الله علیه و سلم عنها فی عام خیبر.

و قیل: ان النهی جاء فی عام الفتح.

و قیل: كانت مباحة و نهی عنها فی غزوة تبوك.

و قیل: أبیحت فی حجة الوداع ثم نهی عنها.

و قیل: أبیحت ثم نسخت، ثم أبیحت ثم نسخت، ثم أبیحت ثم نسخت.

و قیل: غیر ذلك [3] .



[ صفحه 76]



و القرائن القطعیة تفید عدم النسخ، و أهم هذه القرائن اضطراب و تعدد ادعاءات النسخ، حتی جعل مسلم فی صحیحه عنوان باب المتعة هكذا (باب نكاح المتعة و بیان أنه أبیح ثم نسخ، ثم أبیح ثم نسخ، و استقر تحریمه الی یوم القیامة) [4] .

و قد أورد القرطبی فی تفسیره ما قاله ابن العربی من أن النسخ تناول هذا الحكم مرتین، ثم علق علیه بقوله: (و قال غیره ممن جمع طرق الأحادیث فیها، انها تقتضی التحلیل و التحریم سبع مرات) ثم عدد ادعاءات النسخ و قال: (هذه سبعة مواطن أحلت فیها المتعة ثم حرمت) [5] .

و قال ابن قیم الجوزیة: (و هذا النسخ لا عهد بمثله فی الشریعة البتة و لا یقع مثلها فیها) [6] .

ثم ما بال هذه الادعاءات تظهر بعد انقراض عصر الصحابة؟ و لم لم یستشهد بواحدة منها سیدنا عمر بن



[ صفحه 77]



الخطاب نفسه فی تحریمه للمتعة؟ فانه من الواضح لو كان بیده شی ء منها لاستشهد به، و قد أثر عنه أنه عارض أبابكر فی محاربته مانعی الزكاة بالأحادیث النبویة المانعة من قتال أهل الشهادتین، فلماذا لم یتمسك هنا بالسیرة النبویة الناسخة ان كان یوجد منها شی ء كما یقال؟ أم أن أصحاب هذه الادعاءات أعلم بسیرة النبی صلی الله علیه و سلم من الصحابة و من سیدنا عمر بن الخطاب رضی الله عنه نفسه؟

و لم یكن الخلیفة الثانی مستغنیا عن ذلك، بل كان فی أمس الحاجة الیه، لأن المسلمین و علی رأسهم الصحابة لم یتلقوا موقف الخلیفة بالقبول و انما ردوا علیه، بأنهم قد عملوا ذلك فی عهد الرسول صلی الله علیه و سلم و عهد أبی بكر، فلو كان هناك نسخ لظهر.

ثم ان هذه الادعاءات معارضة لكلام الخلیفة الثانی نفسه فانه قال: (متعتان كانتا علی عهد رسول الله صلی الله علیه و سلم أنهی عنهما و أعاقب علیهما متعة النساء و متعة الحج) [7] فلو كان هناك شی ء من النسخ لذكره و لما نسب ذلك الی



[ صفحه 78]



نفسه.

و علیه، تكون ادعاءات النسخ معارضة لكلام الخلیفة نفسه رضی الله عنه.

و حادثة أخری ترد حكایة النسخ هذه، فقد روی الطبری فی تاریخه فی حوادث سنة (23 ه) أن عمران ابن سوادة دخل علی عمر بن الخطاب و ذكر له ما یتحدث به الناس من الأمور التی أحدثها فیهم و لم یرضوها منه، منها تحریمه المتعة، قال: (ذكروا أنك حرمت متعة النساء و قد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة و نفارق عن ثلاث! قال - أی عمر بن الخطاب فی جوابه -: ان رسول الله صلی الله علیه و سلم أحلها فی زمان ضرورة، ثم رجع الناس الی سعة، ثم لم أعلم أحدا من المسلمین عمل بها و لا عاد الیها، فالآن من شاء نكح بقبضة و فارق عن ثلاث بطلاق و قد أصبت) [8] .

و فی هذا الحوار یؤكد الخلیفة الثانی مرة أخری علی أن الموقف من المتعة موقف شخصی خاص به، و رأی



[ صفحه 79]



ارتآه، و لیس هناك أثر نبوی فیه.

ثم ان الاجتهاد الذی بینه فی تحریمها فی هذه المحاورة غیر تام، و واضح البطلان فهو یؤكد أن الرسول صلی الله علیه و سلم قد أحلها فی زمان ضرورة، و هذا یعنی أنها مباحة عند الضرورات، فلماذا أطلق تحریمها و منعها و توعد العقوبة علیها و لم یقید ذلك بالضرورة؟ علی أن الرسول صلی الله علیه و سلم قد أباحها فی أسفاره، و السفر شی ء و الضرورة شی ء آخر [9] .


[1] المؤمنون: 7 - 6.

[2] الطلاق: 1.

[3] أحكام القرآن 195 - 184: 2، باب المتعة، دارالكتب العلمية، صحيح مسلم بشرح النووي 179: 9، باب نكاح المتعة، ارشاد الساري بشرح صحيح البخاري: باب 32، باب نهي رسول الله صلي الله عليه و سلم عن نكاح المتعة، أحاديث 5119 ، 5115.

[4] صحيح مسلم 130: 2 طبعة دار الفكر ببيروت.

[5] تفسير القرطبي 131 - 130: 5.

[6] زاد المعاد 204: 2.

[7] شرح معاني الآثار 146: 2، أحمد بن محمد بن سلمة الأزدي.

[8] تاريخ القرطبي 32: 5.

[9] أهل السنة يتمسكون بسنة سيدنا عمر رضي الله عنه لأنه من الخلفاء الراشدين، الذين أمر النبي صلي الله عليه و سلم باتباع سنتهم، كما سبق و أشرنا الي ذلك ص 59 من هذا الكتاب.